الحيــاة اليومية عنـد الأقباط
يناير 2005
عثر في مخطوطات مكتبة النمسا الوطنية، التي تحوي عشرات الآلاف من المخطوطات النادرة، علي الكثير من الكتب ومنها كتاب «حياة الأقباط» الذي يشمل العديد من الموضوعات
المحـتــوي
عثر في مخطوطات مكتبة النمسا الوطنية، التي تحوي عشرات الآلاف من المخطوطات النادرة، علي الكثير من الكتب ومنها كتاب «حياة الأقباط» الذي يشمل العديد من الموضوعات منها: كيف كان يحيا الأقباط قديمًا؟ كيف كان نظام التجارة في البيع والشراء والعملات؟ كيف كانوا يتنقلون من مدينة إلي أخري؟ كيف كانوا يكاتبون بعضهم البعض؟ كيف كانوا يسجلون مواليدهم وأين؟ ماذا كانوا يأكلون ويشربون؟... وكثير من الأسئلة التي تكشف عن تفاصيل حياة الأقباط الأولين.
هذه المخطوطات مدونة باللغة القبطية فقام كل من د. هيرمان هارور (مدير متحف البرديات بالمكتبة الوطنية)، د. هيلموت برشهاوزن (الباحث في القبطيات)، د. أولريكا هوراك (توفيت حديثًا) بترجمة هذه المخطوطات من القبطية إلي الألمانية.
في الفترة 22 مايو ــ 26 أكتوبر سنة 1995 أقامت المكتبة الوطنية النمساوية بفيينا معرضًا بعنوان «عالم الأقباط» تم فيه عرض المئات من المخطوطات وقطع النسيج والآثار القبطية المختلفة يعود تاريخها إلي القرنين السابع والثامن الميلادي.
وفي حفل افتتاح المعــرض قــام د. هيرمان هارور ــ مدير المتحف الوطني بفيينا ــ بإلقاء كلمة في وجود مجموعة من الزائرين الأقباط، قال فيها: «لقد استخدمنا كل خبراتنا وإمكاناتنا العلمية في ترجمة النصوص القبطية التي وجدناها مكتوبة علي أوراق البردي وقطع الفخار المكسور، وبذلنا المجهود الضخم في ترجمتها للألمانية، ولكننا كثيرًا ما كنا نقف حائرين أمام نصوص معينة، نحاول فهم المعني الذي كان يقصده الكاتب القبطي علي الرغم من ترجمتنا الحرفية لها بدقة. نحن نعلم بأنكم أنتم الأقباط وحدكم القادرون علي فهم المعاني والأسرار المكتوبة في الآثار بسهولة، لأنكم ببساطة اليوم تحملون الإجابات علي كل الأسئلة في حياتكم اليومية».
قامت المكتبة بتوثيق الآثار المعروضة في «دليل» تم نشره بواسطة علماء وباحثي متحف البرديات في المكتبة الوطنية النمساوية، وجاء الدليل في 308 صفحات من القطع الكبير مزود بصور كثيرة للآثار المعروضة مع مقدمات للمترجمين من القبطية إلي الألمانية، ثم ترجمة حرفية لنصوص المخطوطات، أو شرح مفصل لقطع النسيج، لكن جاءت ترجماتهم جافة. فقام كل من هلجا ديل وناصر البردنوهي ــ بالاتفاق مع إدارة المتحف ــ بكتابة بعض التعليقات التوضيحية اللازمة، ومن هنا صدر الجزء الأول الخاص «بالحياة اليومية عند الأقباط قديمًا» يتبعه بعد ذلك سلسلة من الحلقات الخاصة بعالم الأقباط.
هذا الجزء الأول من سلسلة «عالم الأقباط» يستعرض العديد من الموضوعات، اخترت الموضوعات الآتية لعرضها:
الأسماء المتداولة في ذلك الوقت، أسلوب الكتابة، العمليات الحسابية، المأكل والمشرب والملبس، الأعمال الزراعية والتجارية، الأدوات المنزلية المستخدمة، الحياة الاجتماعية، المهن المختلفة التي كانوا يمارسونها، الضرائب التي كانوا يدفعونها، ثم علاج الأمراض.
(1) الأسماء المتداولة في ذلك الوقت
في أوستراكا (قطع الفخار المكسور) يعود تاريخها إلي القرن الثامن الميلادي مساحتها 10 * 16 سنتيمترًا، وردت الأسماء الآتية:
شنوتي، بتروس، كوزما، هارون، نيوسجوروس (ديسفوروس)، فييي، نازه، قلته، بيشا، سويروس، جيراجوس (جوارجيوس أي جورج)، ستيفانوس، باولا (بولا)، ميناس (مينا)، هيلياتس.
وفي بردية يرجع تاريخها للقرن الثامن الميلادي مساحتها 5،20 * 5،15 سنتيمتر وجدت مجموعة من أسماء عمال يعملون في الزراعة وهم:
أباسير (المعروف حاليا أباكير)، بشتشال، كولتوس، إيلياس (أي إيليا)، فويبامون، سرفروس، باهومو، دافيد، أبوللو، أنوت، ابراهام، بامو.
هناك أيضًا بردية أخري يعود تاريخها إلي القرن السابع أو الثامن الميلادي مساحتها 17 * 10 سنتيمترات تحوي مجموعة أخري من الأسماء:
أكو ابن مكاري، باباشنوتي، كيرنس ابن بيلتوس، تاخون، صامويل ابن ابلو، بله، مينا ابن كؤر، سيون ابن أبوللو، بابا يوهانس، إيليا ابن باولي، لوتسون، ناراو ابن أنوب، سوستا بنت نوب، ابيولي البنا.
ويعلق د. محرم كمال في كتابه (آثار حضارة الفراعنة في حياتنا الحالية) الصادر عام 1956 عن الأسماء القديمة يقول: إننا نحمل أسماء قديمة جدًا توارثناها عن أجدادنا منذ آلاف السنين.
ومن هنا فإن الحفاظ علي الاسم القبطي المصري هو الحفاظ علي الشخصية القبطية المصرية.
(2) أسلوب الكتابة
استخدم الأقباط العديد من الأدوات الكتابية ــ والتي مازالت محفوظة بالمتاحف القومية أو الدولية وهي:
البردي: وهو كان الأكثر استعمالاً من بين المواد الأخري. وكان قد بُدئ استخدامه في الكتابة من حوالي عام 3000 ق.م إلي ما بعد 1000 بعد الميلاد. ويكون أوراق البردي تفقد مع الوقت مرونتها، لذلك لم تكن جيدة لعمل الكتب أو اللفائف.
الرق: وهو يصنع من جلود الحيوانات وهو أكثر مرونة من ورق البردي ولا يتلف بسرعة لذلك استخدم بكثرة في صناعة الكتب وبالأخص في الكتب الدينية. ونظرًا لارتفاع أسعاره فلم يستخدم في الكتابة في أمور الحياة اليومية العادية.
الأوستراكا: وهو اسم يطلق علي شقف الفخار، قطع الحجر الجيري وحجر الصوان. وكانت أسعاره زهيدة. وكان يستخدم عند عدم توافر ورق البردي. فقد عثر علي أوستراكا يعود تاريخها إلي القرن السابع الميلادي سجل بها خطاب جاء فيه: (أنا آسف.. لأني لا أملك بردية في الوقت الحالي.. أنا أود أن أبلغك بالمستجدات في الأمور التي كتبت لك عنها في خطابي السابق..).
الورق: ظهر الورق في مصر في القرن التاسع الميلادي، وبدأ يتفوق علي البردي حتي انتشر استخدامه بينما توقف استخدام البردي.
الألواح الخشبية: وهذه استخدمت في كتابة النصوص المستديمة مثل قطع الصلوات، والصيغ القانونية الثابتة في مكاتب الكتبة أو مكاتب الشهر العقاري.
الألواح الشمعية: وهي عبارة عن ألواح خشبية سميكة كانت تصب عليها طبقة من الشمع ثم يسوي سطحه ثم بقلم مصنع من الخشب أو المعدن كان يتم الكتابة عليه. وعند الاستغناء عن المكتوب فيه، يمكن تسوية الشمع من جديد ثم يعاد الكتابة عليه مرة أخري.
الأقلام: استعمل القبطي «القلموس» Kalamos المصنوع من الغاب في الكتابة