النيل.. معــارك المياه مقبــلة
يونية 2009
إن الأمن القومى الحقيقى للشعب المصرى يكمن فى ضمان استمرار سريان مياه النيل وفى حسن استخدام ما يصلنا منها. كان النيل - وإلى عهدٍ قريب- شأناً مصرياً لا يهم الآخرين. وكان الخطر الوحيد يأتى من التذبذب البسيط فى إيرادات النهر تبعاً لمعدل الأمطار فى دول المنبع وخصوصاً إثيوبيا والتى تمدنا بحوالى 85 % من مياه النيل. أما الآن فالوضع مختلف، فدول المنبع لها متطلبات وتعداد سكانها يزداد بينما معدل الأمطار يقل ، وقد بدأ الجفاف ينتاب بعض مصادر المياه فى إفريقيا.
المحـتــوي
إن الأمن القومى الحقيقى للشعب المصرى يكمن فى ضمان استمرار سريان مياه النيل وفى حسن استخدام ما يصلنا منها. كان النيل - وإلى عهدٍ قريب- شأناً مصرياً لا يهم الآخرين. وكان الخطر الوحيد يأتى من التذبذب البسيط فى إيرادات النهر تبعاً لمعدل الأمطار فى دول المنبع وخصوصاً إثيوبيا والتى تمدنا بحوالى 85 % من مياه النيل. أما الآن فالوضع مختلف، فدول المنبع لها متطلبات وتعداد سكانها يزداد بينما معدل الأمطار يقل ، وقد بدأ الجفاف ينتاب بعض مصادر المياه فى إفريقيا.
يؤكد الكثير من العلماء إن الاحتباس الحرارى سيقع خطره الأكبر على دول العالم الجنوبية ومن المتوقع أن تعانى إفريقيا من جراء ذلك. إننا نرى بوادر ذلك بجفاف بعض المناطق مثل دارفور وجفاف بحيرة تشاد بعد أن كانت مليئة بالمياه سنة 1963 وكذلك ذوبان الثلوج على جبال كالمانجارى فى تنزانيا. إن إثيوبيا من المتوقع أن تعانى من الجفاف، وسينعكس ذلك على مصر والسودان.
إن نصيب الإنسان المصرى من المياه 790 متراً مكعباً (م م) فى العام ، ويمثل هذا 47% مما كان عليه سنة 1969. إن المستوى الحالى لما يخص الفرد المصرى يعتبر تحت مستوى خط الفقر العالمى المحدد للمياه والذى يُقدَّر بحوالى 1000 م م. إن الغد آتٍ لا محالة ويجب علينا جميعا أن نقلق ونفكر فى مستقبل الأجيال القادمة. ما تأثير هذه التغيرات على مصر؟ هل هناك خيارات مصرية ؟ هل نحسن استغلال ما يصلنا من مياه النهر (وهى قليلة رغم ما يعتقده الكثيرون) ؟ ما هى سياسة مصر تجاه دول المصدر؟ وما الوضع القانونى لمياه النهر والذى تشترك فية عشر دول؟
هذا المقال يتعرض لبعض هذه التساؤلات مع مقدمة مختصرة عن تاريخ السياسة والنهر. سأهتم أساساً بمصر والسودان وإثيوبيا وهى دول حوض النيل الشرقي. إن مصر تكاد تكون الدولة الوحيدة فى العالم التى تأتى كل مياهها تقريباً من خارج حدودها ؛ الأمر الذى يضعها فى موقف حرج للغاية. إثيوبيا وحتى الآن تمول مصر بحوالى 85% من مياه النيل وإن كان ذلك سيقل مستقبلاً . السودان هى ثانى دولة تنتفع ببعض مياه النيل وإن كان لها مصادر أخرى للمياه إلا أن كل المياه التى تصل مصر تأتيها عن طريق السودان. بالرغم من وجود نقص وتنافس على المياه إلا أنه من الممكن إيجاد تعاون بل تكامل اقتصادى مفيد للجميع .