الأتراك فـي قصصــهم القصــيرة
يونية 2009
لن نكون مبالغين إذا قلنا أن القصة- بصفة عامة - هى أكثر الفنون الأدبية التصاقًا بالإنسان، وأفصح تعبيرًا عن حياته؛ فى ماضيه وحاضره ومستقبله. ورغم ما تقدمه لنا وسائل الاتصال الحديثة من إبداعات فنية تجسد حياة الإنسان وتقدمها عبر الأثير بكل الألوان والأبعاد، فلا ننسى أن القصة هى جوهر هذه الأعمال الإبداعية على اختلاف ألوانها وأشكالها. والنصوص القصصية مازالت تتربع على عرش الفنون السردية الحديثة؛ فهى التى تصاحب المتلقى أينما كان وحيثما حل، وهى تصل مباشرة إلى خياله فيشاركها التجربة الشعورية للمبدع، وأخيرًا هى التى تستطيع أن تقدم للمتلقى عالمًا افتراضيًا غير محدود.
المحـتــوي
لن نكون مبالغين إذا قلنا أن القصة- بصفة عامة - هى أكثر الفنون الأدبية التصاقًا بالإنسان، وأفصح تعبيرًا عن حياته؛ فى ماضيه وحاضره ومستقبله. ورغم ما تقدمه لنا وسائل الاتصال الحديثة من إبداعات فنية تجسد حياة الإنسان وتقدمها عبر الأثير بكل الألوان والأبعاد، فلا ننسى أن القصة هى جوهر هذه الأعمال الإبداعية على اختلاف ألوانها وأشكالها. والنصوص القصصية مازالت تتربع على عرش الفنون السردية الحديثة؛ فهى التى تصاحب المتلقى أينما كان وحيثما حل، وهى تصل مباشرة إلى خياله فيشاركها التجربة الشعورية للمبدع، وأخيرًا هى التى تستطيع أن تقدم للمتلقى عالمًا افتراضيًا غير محدود.
والقصة القصيرة - بصفة خاصة - هى أقدر الفنون الأدبية على مراقبة الحياة وتفسيرها من خلال الزاوية الخاصة التى ينتقيها كاتبها، وفى إطار الأبعاد الزمانية والمكانية التى يرسمها. فإذا كنا نسعى لتقديم صورة متكاملة لأى مجتمع من المجتمعات البشرية علينا أن نقلب فى قصصه القصيرة لنستخرج منها عناصر هذه الصورة؛ فالقصة القصيرة تتميز بعدة خصائص لعل منها:
ــ أنها تنتقى موقفًا من الحياة أو جانبًا من جوانبها.
ــ أنها تمثل الواقعية الجديدة فى الكشف عن الحقائق دون السعى للكشف عن أسبابها.
ــ أنها تمثل لحظة تنويرية ودفقة شعورية من جانب كاتبها.
ــ أنها تلائم سرعة الإيقاع التى تميز العصر الحديث مع الاهتمام بعنصرى الزمان والمكان.
لذلك كله لجأنا إلى القصة القصيرة لنرصد حركة المجتمع التركى الحديث والمعاصر، ولنشعر بنبض الحياة فى عروقه، ولنلتقط له صورة من مختلف الزوايا (بانورامية). ولكى نستطيع أن نقدم نماذج بشرية متنوعة للإنسان التركى المعاصر فى أفراحه وأتراحه، ومن واقع همومه وقضاياه، ومن خلال ماضيه وحاضره ومستقبله.
وتحقيقًا لهذا الهدف وقع اختيارنا على باقة من القصص القصيرة التى تنتمى إلى الفترة الزمنية من النصف الثانى من القرن العشرين إلى أوائل القرن الحالي. أما كتابها فغالبيتهم ــ باستثناء عدد محدود من المخضرمين ــ من مواليد الأربعينيات فأحدث. أى أنهم من الجيل المعاصر.
لم تكن مسألة اختيار هذه النصوص الإبداعية أمرًا سهلاً ميسورًا؛ بل هى مهمة جد عسيرة؛ فقد حرصنا على أن نقدم رؤى إبداعية مختلفة، بحيث يمثل مبدعوها مختلف الاتجاهات والتيارات الفكرية والفنية السائدة فى الأدب التركى المعاصر. ووضعنا فى عين الاعتبار أن تصور هذه القصص مختلف بيئات المجتمع التركى وطبقاته وفئاته، وأن تقدم لنا نماذج بشرية مختلفة تمثل غالبية الشعب التركي. ورغم ذلك لا نزعم أن هذه المختارات تمثل كل القصص التركية المعاصرة، أو أنها تمثل كتابها أو أنها تمثل أفضل ما كتبوا، بالطبع لا نستطيع زعم ذلك. بيد أننا نزعم أننا حاولنا تقديم تنويعات من القصة التركية القصيرة التى تقدم لنا صورة متكاملة للمجتمع التركى المعاصر.